“غوانتانامو أمام المعتقلات الروسية مجرد مدرسة ابتدائية”

"غوانتانامو أمام المعتقلات الروسية مجرد مدرسة ابتدائية"

حاورت إذاعة صوت ألمانيا دوتشه فيلي رئيس حركة حقوق الإنسان في روسيا ليف بونوماريف الذي تحدث عن الوضع العام لحقوق الإنسان في روسيا والقفقاس والانتهاكات الشديدة المعاشة في هذا المجال في جمهوريات شمال القفقاس على الأخص. ولفت بونوماريف خلال حديثه إلى انتهاك جميع حقوق الإنسان في روسيا بما في ذلك حق الحياة الذي ينتهك وبشدة في السجون والمعتقلات الروسية التي لا تمكن مقارنتها حتى بمعتقل غوانتانامو الذي يبقى أمامها مجرد "مدرسة ابتدائية". فيما يلي نص الحوار الذي أجري مع بونوماريف والذي نقلت وكالة أنباء القفقاس إلى العربية:

يجري في الوقت الراهن الحديث عن سيادة الديمقراطية في روسيا إلا أن المعيار الرئيسي للديمقراطية يتمثل بمدى احترام حقوق الإنسان فما هو وضع حقوق الإنسان اليوم في روسيا؟

إن مصطلح سيادة الديمقراطية يبدو مضحكا جدا بالنسبة لي إذ أن مفهوم حقوق الإنسان غائب تماما في روسيا فحقوق الإنسان تنتهك برمتها وبكافة أشكالها هناك لهذا السبب فإني أسمي البنية الموجودة في روسيا حاليا بالنظام الاستبدادي الذي يحمل كل عناصر الاستبداد. إنهم يطلقون اسم سيادة الديمقراطية على نظام استبدادي.

وأين تقع أخطر انتهاكات لحقوق الإنسان؟

حتى حق الحياة الذي يعتبر أهم حق من حقوق الإنسان ينتهك اليوم وعلى الأخص في العديد من جمهوريات شمال القفقاس. ففي داغستان، التي تعتبر منطقة سلمية دون أدنى شك، أطلقت الشرطة قبل عام النار على مظاهرة مدنية مما أسفر عن مقتل شخص وجرح ثلاثة آخرين في حادثة تعتبر الأولى من نوعها عقب الحقبة السوفيتية. لقد قامت الشرطة بتفريق المتظاهرين في بداية الأمر ومن ثم لجأت لاستخدام الأسلحة النارية. كما اختطفت قوات الأمن في داغستان حوالي 30 شابا منذ نهاية نيسان/أبريل وحتى مطلع أيار/مايو دون إخبار عائلات الشبان بأي شي عن مصيرهم وأنا أرجح مقتل أولئك المختطفين.

وما هو الوضع في الشيشان؟

يتحدث الجميع الآن عن تحسن الأوضاع هناك وأنا في الواقع لا أعرف ما إذا كان الوضع هناك جيد بالفعل أم لا فالوضع في القبور حيث يرقد الجميع بسلام وسكونة يمكن اعتباره جيدا أيضا. قبل كل شيء يوجد في الشيشان سجون سرية كالمركز الفدرالي في خان قلعة الذي يجلب إليه عادة المختطفين من جمهوريات أخرى إذا ما بقوا على قيد الحياة بالطبع.

من جهة أخرى أود الإشارة لورود الكثير من الأنباء التي تتحدث عن أن توجه المزيد من الشبان الآن إلى الجبال وأنا شخصيا لا أعتقد بأن النظام المتسلط الذي أسسه رمضان قاديروف في الشيشان بوسعه جلب الاستقرار للجمهورية ولعل ذلك (الاستقرار) هو مجرد وضع مؤقت ليس أكثر. من غير الممكن استمرار الحرب إلى المالانهاية فهي ستخمد بالطبع، إما أن يكون أولئك الأشخاص (الذين يحاربون) قد قتلوا أو يكونوا قد تخلوا عن القتال.

وأين تقع أيضا انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في روسيا؟

ينتهك حق الحياة في السجون الروسية حيث يقتل المعتقلون وهذا الوضع المتردي يزداد سوءا عاما بعد عام وهو متفشي في كل الدول لكن ليس في كل السجون. يوجد في روسيا أكثر من 700 سجن ونحن نحتل المرتبة الثانية في العالم بعدد السجناء لدينا والذي يبلغ حوالي المليون سجين. لقد تمكنا من التحقق من وجود حوالي 40 مخيم اعتقال في روسيا تطبق فيها أساليب تعذيب مختلفة وتنتهك فيها أعراض الرجال ويقتل المعتقلون لكن لا يجري فتح أي تحقيق حول أي من تلك الحوادث. يعرف جميع أفراد الشعب الروسي التعذيب الممارس على المجندين إلا أنه لا يجري التحقيق بشكل فعلي بتلك الانتهاكات إلا فيما ندر وعدد التحقيقات الذي جرى حتى الآن قليل جدا.

في مطلع التسعينيات كان المدافعون عن حقوق الإنسان يتمكنون من زيارة كافة السجون وكانت القوانين في ذلك الحين أكثر إنسانية بالفعل أما الآن فتغير الوضع وأصبح من الصعب علينا ملاحقة المذنبين.

هل تتوفر لديكم إحصائيات حول أعداد المعتقلين الذين قضوا في السجون الروسية جراء التعذيب؟

ليست لدينا إحصائيات من هذا النوع إلا أننا نقوم برصد بعض الأمور المختلفة فالكشف عن وجود 40 مخيم اعتقال يعتبر أحد نجاحاتنا. وعادة ما ترد روسيا على هذا النوع من الانتقادات الذي يوجه لها بالإشارة لوجود مخيم غوانتانامو الأمريكي وسجون سرية للمخابرات في أوربا… إلا أن كل تلك المخيمات ليست بأكثر من مدرسة ابتدائية مقارنة بمخيمات الاعتقال الروسية ففي المدارس الابتدائية يضرب أحيانا الأطفال الأكبر الأطفال الأصغر منهم سنا وبنفس الشكل يعتبر معتقل غوانتانامو مدرسة ابتدائية إذا ما قارناه بما يجري لدينا ففي سجوننا لا يتمكن السجين حتى من إرسال رسالة.

وهل تعتقدون أن هناك حلا لهذه المشاكل؟

بالتأكيد هناك حل وهو الشفافية حيث يجب السماح للمدافعين عن حقوق الإنسان بدخول السجون عندها ستتغير الأحوال تلقائيا. لدينا الكثير من الأدلة إلا أنها لا تكفي لفتح تحقيق فيجب على الادعاء العام أيضا العمل على ضوء القرائن التي نحصل عليها. إننا نرفع الأمر للإدعاء العام إلا أنه تصلنا أجوبة صفيقة بأنه لم يتم التحقق من صحة أي شيء لكننا نعرف أنه لم يجر تحقيق أساسا وبأن كل ما يفعله الإدعاء العام هو التستر على الجريمة ليس إلا.