المهجر الشركسي: لا لتزييف الحقائق
اسطنبول – أعلن أحفاد المهجرين من شمال القفقاس عن استيائهم البالغ من احتفالات الذكرى السنوية 450 لانضمام القفقاس "طوعا" إلى روسيا التي أقيمت بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فيوم الخميس الماضي الموافق لـ 4 تشرين الأول/أكتوبر نظم أبناء المهجر الشركسي تحت رعاية منبر شمال القفقاس مظاهرات احتجاجية متزامنة أمام مباني القنصليات الروسية في سوريا والأردن وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأخرى وأمام مبنى الأمم المتحدة. وشجب المتظاهرون احتفالات الانضمام كما أعربوا أيضا عن احتجاجهم على إقامة أولمبيات شتاء 2014 في سوتشي التي كانت مسرحا لأسوأ صفحات إبادة الشعب الشركسي.
ففي اسطنبول تجمع المتظاهرون أمام مبنى القنصلية الروسية الواقع في شارع الاستقلال حاملين لافتات كتبت عليها عبارات على نحو: "لا تنسوا أن تدَّعو بأننا نحن أيضا رغبنا بإبادتنا طوعا!"، "لا لأكذوبة 450 عاما"، "وادي كبادا لا يزال ينزف دما… لا للاولمبيات في سوتشي!"، "فلينتهِ الاحتلال الروسي للقفقاس"، "قلوبنا لم تكن أبدا مع روسيا"، "لسنا مع روسيا منذ الأزل".
وخلال مسيرتهم نحو القنصلية الروسية هتف المتظاهرون طوال الطريق قائلين "شعوب القفقاس ليست وحيدة"، "لتنتهِ أكذوبة الانضمام الطوعي"، "شيشانيا مستقلة وقفقاسيا متحدة" ،"القفقاس سيكون مستقلا وحرا"، "فليسقط نظام بوتين الفاشي"، "جبال سوتشي مقابر الشهداء".
’مغالطة تاريخية‘
ولدى وصول الحشد أمام مبنى القنصلية الروسية في اسطنبول تلي بيان باسم منبر شمال القفقاس كان نصه الآتي:
"أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن عام 2007 هو عام مرور ’الذكرى السنوية 450 لانضمام القفقاس الطوعي لروسيا‘ ووقع السنة الماضية ثلاثة قرارات بهذا الخصوص. وهكذا تم إغراق الحكومات العميلة في القفقاس ومنظمات المجتمع المدني بالنقود وزيف التاريخ بإقامة الاحتفالات التي ما هي سوى محاولة إملاء تاريخ جديد على القفقاسيين عبارة عن أكاذيب. على مدى مئات السنيين اضطرت الشعوب القفقاسية للنضال ضد القوى الاستعمارية ورغم إبلائها بلاء حسنا واستخدام كافة قواها إلا أن الشعوب القفقاسية كانت تجد نفسها في بعض الأحيان بمواقف صعبة.
هذا بالضبط ما حصل معها في القرن السادس عشر، حيث وقعت موسكو والقفقاس بصفة "دولتين ذاتا حقوق متساوية‘ على ’اتفاق تحالف‘ ضد عدو مشترك. وكما جرت عليه العادة بين الدول في ذلك العهد من ’تدعيم أواصر التآزر بين الأسر الحاكمة عن طريق الزواج‘ فقد حصل هذا بعد إبرام الاتفاقية المذكورة وتم تزويج قيصر روسي بابنة أحد الأمراء الشركس. إن هذا الزواج واتفاق التحالف كانا عبارة عن مرحلة مؤقتة ليس إلا لم يكن لها أية نتيجة دائمة عبر التاريخ. نحن القفقاسيون في أشد الدهشة والعجب بسبب اعتبار هذا الأمر وبعد مرور 450 عاما عليه ذريعة لانضمام القفقاسيين طوعا إلى روسيا وإقامة احتفالات واسعة به. إن هذا التصرف المثير للاشمئزاز والذي يقلب الحقائق التاريخية ما هو إلا أحد صفحات الإبادة التي اقترفتها روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر وجزء من خطة "القضاء على حفنة القفقاسيين، الذين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة بعد التهجير، عن طريق ترويسهم". والهدف من ذلك هو مسح الذاكرة القومية تماما وإعادة تشكيل أذهاننا بصورة جديدة وفق القيم والمعايير الروسية وبهذا الشكل يتم توجيه الضربة الأخيرة لوجودنا. إنهم يتجاهلون كيف أبيدت الشعوب القفقاسية منذ زمن ليس بالبعيد قبل مئة وخمسين عاما فقط وكيف هجر نحو 90% من الناجين من أوطانهم، وفي الوقت الذي يتجاهلون فيه تلك الفترة الهامة من التاريخ تتم محاولة إضفاء معاني غير موجودة على زواج عادي وقع قبل 450 عاما والوصول إلى نتيجة تعني القضاء (على الشراكس) إن هذه المحاولة تكشف مقاصد الحكومة الروسية بكل وضوح وجلاء.
إبان احتلال روسيا القيصرية لها مطلع القرن التاسع عشر تقلصت منطقة شركسيا كثيرا رغم ذلك كانت غب ذلك الوقت تشغل مساحة 180 كيلو متر مربع. لكن اليوم لا تتجاوز مساحة ثلاث جمهوريات أديغية 34 ألف كيلو متر مربع. لقد مزقوا دولة كبيرة وقضوا عليها والآن يحاولون القضاء على آخر من تبقى من سكانها على قيد الحياة وهم يهينون كرامتهم ويحطون من قيمهم.
وفي سوتشي تتواصل استعدادات التحضير للأولمبيات التي ستقام في وادي كبادا شتاء 2014 الذي استولت عليه روسيا إثر الهزيمة النهائية التي وقعت بتاريخ 21 أيار/مايو 1864. إنهم سيجمعون في أولمبيات سوتشي 2014 أشخاصا من سائر أنحاء العالم ليتزلجوا ويتسابقوا على مقابر أجدادنا ورفاتهم وهذا الأمر سيجدد آلامنا ويفتح جراحنا مرة أخرى.
ونحن إذ نعارض بشدة كل ما تقدم نشجب ’احتفالات الذكرى السنوية 450 لانضمام القفقاس الطوعي إلى روسيا‘ وأولمبيات شتاء 2014 التي يريدون إقامتها في سوتشي كما نندد بكافة المتآمرين المتورطين بهذه المشاريع الرامية ككل لإهانة الشعوب القفقاسية.
إن النضال الذين يخوضه أبناء القفقاس الحقيقيين سيستمر حتى النهاية.
وكالة أنباء القفقاس