أنواع الإبادة في الشيشان – 1

الجزء الأول

لنتمكن من الحديث بشكل تفصيلي ومنهجي عن مدى حجم الوحشية الروسية في الشيشان يجب علينا بادئ ذي بدء أن ندرك بأن تلك الوحشية ليست ناجمة عن تصرفات مجموعات خارجة عن السيطرة وإنما هي سياسة تديرها وتشرف عليها بل وتكافئها الحكومة الروسية على مستوى رفيع. والهدف من ذلك واضح وضوح الشمس: القضاء على دولة الشعب الشيشاني وإبادته الأمر الذي يفصح عنه المسؤولون الروس بأنفسهم بشكل مبطن حين يتحدثون عن "حل جذري للقضية الشيشانية".
 

"مما لا شك فيه أنه مع تسلم بوتين مقاليد السلطة في روسيا بدأ يظهر نوع جديد من أنواع الفاشية. وكما هو معروف فإنه عندما بدأت تظهر الفاشية في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي كان الغرب حينها أيضا يرقب هذا التطور بصمت وحتى أنه كان يدعم تلك المرحلة اقتصاديا رغبة منه برؤية "ألمانيا هتلر دولة مستقرة وصديقة". ومن المعروف ما انتهى إليه موقف الغرب في ذلك الحين الذي كان بعيدا كل البعد عن المبادئ. وللأسف يكرر التاريخ نفسه اليوم فها هي أمريكا وأوروبا تصفقان للرئيس الجديد الذي أحيا مخيمات الاعتقال كما كان الحال في الثلاثينيات."

تلك السطور أخذت عن تحليل موثق حول جرائم نظام الكرملن في الشيشان قدمه وزير الصحة في جمهورية الشيشان ـ إتشكيريا عمر خانبييف قبل عامين في الغرب. إن الوضع الراهن في روسيا (وبغض النظر عن الشيشان) يظهر صحة ما خطه الوزير الشيشاني ويظهر أيضا أن البحث الذي قام به لا يزال واقعا راهنا هذا اليوم أكثر من أي وقت مضى.

مباشرة عقب نشره التقرير في أوروبا أرسل عمر خانبييف لرئاسة التحرير في الإعلام الشيشاني تحليلا علميا تناول أساليب التعذيب التي يمارسها الروس على الشيشانيين المحتجزين والأسرى الجنود في إتشكيريا. وتنبع أهمية هذا التحليل العلمي من أن كاتبه لم يكن مجرد شاهد على وسائل التعذيب التي لا يتصورها عقل ولكن من كونه تعرض بنفسه هو أيضا لمعظم وسائل التعذيب الممارسة في مخيمات الاعتقال ليكون بذلك شاهدا وضحية بالوقت ذاته. في بحثه العلمي يميز خانبييف وللمرة الأولى بين وسائل التعذيب المتبعة مع المعتقلين الشيشانيين وقد تمت ترجمة هذه الدراسة الهامة على ثلاثة أجزاء إلى اللغة التركية كما يتم إعدادها باللغات الروسية والإنكليزية والعربية.

"مما لا شك فيه أنه مع تسلم بوتين مقاليد السلطة في روسيا بدأ يظهر نوع جديد من أنواع الفاشية. وكما هو معروف فإنه عندما بدأت تظهر الفاشية في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي كان الغرب حينها أيضا يرقب هذا التطور بصمت وحتى أنه كان يدعم تلك المرحلة اقتصاديا رغبة منه برؤية "ألمانيا هتلر دولة مستقرة وصديقة". ومن المعروف ما انتهى إليه موقف الغرب في ذلك الحين الذي كان بعيدا كل البعد عن المبادئ. وللأسف يكرر التاريخ نفسه اليوم فها هي أمريكا وأوروبا تصفقان للرئيس الجديد الذي أحيا مخيمات الاعتقال كما كان الحال في الثلاثينيات."

تلك السطور أخذت عن تحليل موثق حول جرائم نظام الكرملن في الشيشان قدمه وزير الصحة في جمهورية الشيشان ـ إتشكيريا عمر خانبييف قبل عامين في الغرب. إن الوضع الراهن في روسيا (وبغض النظر عن الشيشان) يظهر صحة ما خطه الوزير الشيشاني ويظهر أيضا أن البحث الذي قام به لا يزال واقعا راهنا هذا اليوم أكثر من أي وقت مضى.

مباشرة عقب نشره التقرير في أوروبا أرسل عمر خانبييف لرئاسة التحرير في الإعلام الشيشاني تحليلا علميا تناول أساليب التعذيب التي يمارسها الروس على الشيشانيين المحتجزين والأسرى الجنود في إتشكيريا. وتنبع أهمية هذا التحليل العلمي من أن كاتبه لم يكن مجرد شاهد على وسائل التعذيب التي لا يتصورها عقل ولكن من كونه تعرض بنفسه هو أيضا لمعظم وسائل التعذيب الممارسة في مخيمات الاعتقال ليكون بذلك شاهدا وضحية بالوقت ذاته. في بحثه العلمي يميز خانبييف وللمرة الأولى بين وسائل التعذيب المتبعة مع المعتقلين الشيشانيين وقد تمت ترجمة هذه الدراسة الهامة على ثلاثة أجزاء إلى اللغة التركية كما يتم إعدادها باللغات الروسية والإنكليزية والعربية.

ظهرت مخيمات الاعتقال الجماعي لأول مرة بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 1994 بموجب القرار رقم 247 الصادر عن وزارة الداخلية الروسية والرامي لما زُعم أنه "التحقق من هوية الأشخاص الذين يعتقلون في منطقة الحرب والتأكد من مشاركتهم أو عدم مشاركتهم بها".

في هذه الحرب أيضا، وكما كان الحال في الحرب الأولى، يتم تجاهل الحقوق القومية والدولية للشيشانيين ويوضع الشعب الشيشاني خارج إطار كافة القوانين. أما مؤسسات حقوق الإنسان الدولية وحكومات الدول الديمقراطية فتغض الطرف بوضوح عن كل ما يجري أمامها.

في ظل ذلك الصمت والتجاهل شكلت في الشيشان وفي بعض المناطق الروسية مخيمات الاعتقال بهدف الضغط على الشيشانيين كما تم إنشاء أقسام خاصة في السجون الروسية ينقل إليها الشيشانيون الذين يعتقلون بشكل غير قانوني. أي أنه ورغم الأوضاع في سجون روسيا، التي لم تشعر بأي وقت من الأوقات بخشية من القانون، أصبحت المعاملة "الخاصة" والتعذيب والإعدام خارج نطاق القانون معايير جديدة تطبق على الشيشانيين.

توجد مخيمات اعتقال صغيرة "خاصة" في جميع الوحدات العسكرية في الشيشان ـ إتشكيريا مثل الـ مي في دي، الـ في سي بي وحدات وزارة الدفاع والـ غرو. في تلك المعتقلات يعذب المعتقلون ويباع البشر ويقتلون. بغض النظر عن وحدة الأشقياء الروس التي تنفذ عملية تطهير ما فإن الأشخاص الذين يعتقلون خلال تلك العمليات يحتجزون في مخيمات صغيرة "خاصة" تعتبر إحدى مجموعات الفتك التي يطلق عليها اسم "القسم العسكري" الروسي.

في حال عدم قيام أقرباء الضحية بدفع فدية خلال ثلاثة أو أربعة أيام فإن الشخص المعتقل قد يختفي أو يتوفى جراء الضرب والتعذيب الذي يتعرض لهما منذ لحظة اعتقاله. وإذا ما تمكن ذلك الشخص من البقاء على قيد الحياة يُتهم بكونه "مقاتلا" ويرسل إلى خان قلعة المجهزة بالمزيد من آليات وتقنيات التعذيب.

هنا يتعاظم بشكل كبير احتمال اختفاء المعتقل دون أن يترك ورائه أي أثر. ويتفاجأ القرويون عندما "يعلمون" من وسائل الإعلام الروسية بأن ابن قريتهم أو قريبهم الذي كان ضحية عاثر الحظ والذي لم يحمل بحيا&#1578